لقد هزمت داعش في الموصل علىنطاق واسع. الهزيمة التي اعلن عنها الاسبوع الماضي بشكل رسمي, و لكن الحرب بعدها لم تنتهِ وألاف من المنتمين الى هذا التنظيم بغرض الانتقام سيقومون بأعمال ارهابية و تفجيرات انتحارية في العراق و سوريا و الغرب, و من المتوقع أن خطر العنف يستمر في الاشهر الثلاث المقبلة. قد يرجع العراق الي خلافاته الداخلية في حين كان متحدا مؤقتا لمحاربة التنظيم المتشدد.
ثلاث سنوات من الحرب ضد المتطرفين أنتج بالضرورة حاله من الوحدة الوطنية للتغلب علىالصراعات الاقليمية و العرقية و الطائفية التي تم انشاؤها في البلد, و لكن الان بعد حروب داعش, العديد من المناطق قد ترجع الي التوترات نفسها في الماضي. مع حضور داعش في العراق و احتلال الموصل في سنة 2014 واحدة من أعمق المشاكل الطائفية تزداد سوءا و بتلك المناطق و بشكل واضح. في اوائل الحرب ضد داعش و لمنع الجماعة المتشددة من الحركة بأتجاه المناطق الكردية و السيطرة على اربيل عاصة اقليم كردستان, و قامت القوات الكردية باحتلال مساحات واسعة من سهل نينوى في شرق الموصل.
هذه المناطق متنازع عليها اساسا,منذ فترة طويلة يوجد فيها صراع كردي-عربي. وقع حادث مماثل في الاقليم الغني بالنفط “كركوك” وفقا للدستور العراقي فان مصير هذه المناطق سوف يتم تحديدها عن طريق الاستفتاء و تم تأجيل هذا الاستفتاء مرارا و تكرارا. هذا كان الواقع الجديد علىالارض. كانت السيطرة على المناطق المتنازع عليها لحكومة بغداد و كانت بغداد تقاوم و تقف ضد أي تغيير. الأكراد هم حاليا يسيطرون على هذه المناطق و الغلبة في اتخاذ أي قرار مصيري يتعلق بهذه المناطق في أيديهم.
لا تقتصر المشكلة فقط في هذه المجالات. الآن واحدة من المشاكل هي كيف ستقوم الحكومة الاتحادية في بغداد بتقسيم واردات النفط و ماذا سيكون نصيب كل منطقة؟ ينبغي ايضا ان تضاف لهذه المشاكل قضية الاستفتاء في اقليم كردستان المتعلق بأستقلال كرستان العراق و من المقرر أن يعقد في أيلول المقبل. القضية الخطيرة الاخرى هي زيادة العنف بين الشيعة و السنة. في عام 2014 استطاع داعش و بسهولة السيطرةعلىالموصل لأن هذه المدينة الكبيرة التي يسكنها أغلبية سنية كانت تشعر بالإهمال و التهميش من قبل بغداد. بل إنّ البعض منهم كان يشعر بأن مؤسسة الجيش في العراق محتلة من قبل الشيعة لغرض الاستيلاء و الهيمنة على السلطة في العراق.
التحدي الرئيس الان يتمثل بطريقة عمل الحكومات المحلية المنتخبة في الموصل لغرض تأمين المصلحة السنية في هذه المناطق, لكي تكون قادرة على التغلب على حالة الاهمال و التهميش الذي يشعر بها المواطن السني في هذه المناطق. بغداد ايضا يجب عليها توفير الموارد اللازمة و بسرعة لاعاده بناء المدينه المدمره الموصل, لاعادة الامل و الثقه للمواطن الموصلي. خلال الحرب استخدمت كثير من القنابل و الاسلحة و الالاف من الناس قتلوا خلال القتال و انتهكت حقوق الانسان.
إنَّ اعادة إعمار الانقاض سيكون عملا كبيراً و صعباً و الدليل على ذلك الاحصاءات الحكومية التي نشرت في المدن المحررة الاخرى ، الفلوجة و الرمادي ايضاً هما مدينتان تحررتا من أيدي داعش قبل سنة تقريبا. نظرة سريعة تكشف لنا مدى الدمار الذي طال هذه المدن. في بعض الاماكن لا يوجد أي مؤشر على اعادة الاعمار. رئيس بلدية الفلوجة ما زال يسكن في اربيل و خوفا من داعش ولم يرجع الي المدينة بعد, ولكن في بعض الاحيان يذهب في رحلة وسط المدينة للإشرافعلى عملية اعادة الاعمار في المدينة. الموضوع الجيد هو أن العديد من القادة العراقيين قد فهموا هذا التحدي. قد ظهرت الحساسية نفسها اتجاههذهالمسألة عند رئيس الوزراء حيدر العبادي. الحساسية نفسها والمطالب الذي تتعلق بالإصلاح قد سمعناها ايضا من قبل مقتدى الصدر. قال الصدر من منزله في النجف:
“أخشى أن إنهيار الدولة الاسلامية يكون مجرد بداية لمرحلة جديدة من الصراع الداخلي, انا سعيد جدا بهذا النصر العراقي و لكن خوفي هو أنه لربما نشهد ابادة جماعية لمجموعة من الطوائف و المجموعات العرقية و المذهبيةالأخرى داخل العراق”
لمواجهة هذا الخطر توجد اقتراحات تؤكد بأنه يجب على القادة الشيعة الذهاب الى المناطق السنية و القاده السنة يذهبون الي المناطق الشيعيةلإجراء محادثات للبدء في اعادة اعمار العراق. يخشى ايضا بعض الزعماء حول مستقبل ما يسمي “بالحشد الشعبي”,التعبئة الجماهيرية الذي انطلقت من أجل مواجهة داعش. يجب على المنتصبين لهذا الحشد أن يبدؤا بتسليم اسلحتهم أو ان يلتحقوا و بشكل تدريجي و منظم و قانوني بالجيش بعد هزيمة التنظيم في الموصل. و هذا التفاعل بين الطوائف المختلفة داخل العراق ليس بألامر السهل. يعاني العراق منذ عقود من العنف الطائفي. الحرب مع داعش جعل الخلاف يتعمق ما بين الطوائف و الفصائل المتعددة في البلد و في الوقت الحاضر السياسات السعودية المعادية لإيران غذت الصراعات و النزاعات الداخلية. العديد من العراقيين السنة يشعرون بأنهم ضحايا, لأن السلطة السياسية في العراق قد انحصرت و تمركزت بيد عدد من القوي السياسية الشيعية, و لكن هناك أمل في أن بعض زعماء السنة حاضرين للعب دورٍ ايجابيٍ في مستقبل العراق مع حيدر العبادي, و لذلك يجب تشجيعهم. مع خروج داعش من العراق, القادة السياسيون العراقيون بحاجة الى العمل المشترك و ترك الخلافات المتعلقة بالهوية الدينية والمذهبية التي لم يكن لها أيَّ دورٍ ايجابي في المستقبل السياسي العراقي
ترجمة : إبراهيم الرفاعي
موقع الدبلوماسية الايرانية التابع لوزراة الخارجية الايرانية